روائع مختارة | روضة الدعاة | أدب وثقافة وإبداع | تكنولوجيا النانو.. العلاقة بين الأجسام المتناهية في الصغر

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > روضة الدعاة > أدب وثقافة وإبداع > تكنولوجيا النانو.. العلاقة بين الأجسام المتناهية في الصغر


  تكنولوجيا النانو.. العلاقة بين الأجسام المتناهية في الصغر
     عدد مرات المشاهدة: 4331        عدد مرات الإرسال: 0

في المقال السابق تطرقت إلى الدعم السخي الذي توليه حكومتنا الرشيدة لأبحاث تكنولوجيا (النانو)، تلك التكنولوجيا الواعدة، التي ستغير الحياة على كوكب الأرض، دون مبالغة في ذلك.

ولعلي هنا أسهم في حث القطاع الخاص في بلادنا، كي يشمر ساعده ويدعم هذه التكنولوجيا الذكية، التي ستعود بالنفع والخير الكثير - إن شاء الله - على الداعمين والمستفيدين منها، فقد اعتبرها الكثيرون بأنها ثورة جديدة لم يسبق للعالم ان شهد مثلها، وسأحاول هنا أن أشرح مفهوم تلك التكنولوجيا.

- عزيزي القاريء - حسب معرفتي البسيطة لها، وذلك من واقع متابعتي لما ينشر عنها، ولكن بطريقة مبسطة، كي نتلمس حقائقها المفيدة والرائعة، ولكن قبل ذلك سأشير هنا إلى ما قاله العالم العربي الأميركي منير نايفة، عن هذا الموضوع.

فهو قال:  (ما اكتشفناه في مختبري في جامعة الينوي الأميركية، انه اذا ما أخذنا مادة السيليكون المعتمة جدا جدا والتي هي المكون الرئيسي للأرض والرمال وكل الأجسام في الكون.

وعملنا منها حبيبة بقطر واحد نانو، فنصبح نراها تتألق بلون أزرق شديد جدا تحت تأثير الضوء البنفسجي، وباللغة العامية وكأننا حولنا الرمل الى مادة متألقة) .

من هذا المنطلق، وبواسطة تكنولوجيا (النانو) ، دعنا نتخيل - أيها القاريء الكريم - رمال صحراء النفود، وصحراء الدهناء. . بل وكل رمال الربع الخالي بألوان شديدة الزرقة، أو بألوان مختلفةز

ولنتخيلها تدخل في مجال الزينة والديكور وغيرهما من المجالات التي ستفتحها علينا تقنية النانو، ولنتخيل الأموال الطائلة التي ستجنى من رمالنا بواسطة تصنيع العقود التي ستزين أعناق الحسناوات حول العالم، أليست الرمال في بلادنا ثروة تضاهي البترول؟!

النانو - أيها القاريء الكريم - هو وحدة قياس مترية، بل هو أدق وحدة قياس مترية معروفة حتى الآن، و يبلغ طول النانو، واحد من بليون من المتر.

أي ما يعادل عشرة أضعاف وحدة القياس الذري المعروفة بالأنغستروم، بمعنى آخر، إن حجم النانو أصغر بحوالي 80.000 مرة من قطر شعرة الانسان، ومصطلح «تقنية النانو» أشتق من كلمة «نانو».

التي ترمز إلى ألف مليون، وهذا يعني أن كلمة «نانو ميتر»، تعني مليون وحدة لملمتر واحد، وقد بدأت مراكز البحوث في بلادنا تحاكي تلك التقنية، التي تعني حرفيًا التقنيات المصنوعة بأصغر وحدة قياس للبعد استطاع الإنسان قياسها حتى الآن، أو تعني - أيضًا - أنها تقنية المواد المتناهية في الصغر، وتسمى التكنولوجيا المجهرية الدقيقة.

وتسمى كذلك تكنولوجيا المنمنمات، وهي عبارة عن عملية دقيقة تقوم على إعادة ترتيب المواد وتجميعها بطريقة مبتكرة لننتج بواسطة ذلك الترتيب والتجميع مواد غير موجودة طبيعيا، أو هي عملية تحريك الذرات والجزيئيات بدقة متناهية لإحداث تفاعلات كيماوية، مما يؤدي الى تصنيع أو تعديل بعض الجزيئيات الجديدة المبتكرة.

فكلما حرصنا على مرحلة التصغير، حصلنا على مادة خالية من الشوائب، ومستوى أعلى جدا من الجودة والتشغيل، ذلك لأن خصائص المواد قد تتغير بصورة مدهشة عندما تتجزأ الى قطع أصغر وأصغر، وخصوصا عند الوصول الى مقياس النانو.

تكنولوجيا النانو بأبسط الكلام هي المحاكاة والبحث والتجارب في ابعاد الذرات والجزيئات، و فهم العلاقة بين هذه الأجسام المتناهية في الصغر، ومحاولة التغيير والتعديل والتبديل في هذه العلاقة للحصول على مادة بمواصفات أخرى أكثر نفعا وفائدة، وذلك باستخدام معدات وآلات وروبوتات من نفس مقاييس هذه الذرات.

ويقول أحد العلماء في هذا المجال مانصه:  (فعلى سبيل المثال إذا قمنا بإعادة ترتيب الذرات في الفحم يمكننا الحصول على الماس، وأيضًا ، إذا قمنا بإعادة ترتيب الذرات في الرمل وأضفنا بعض العناصر القليلة، يمكننا تصنيع رقائق الكمبيوتر، وكذلك إذا قمنا بإعادة ترتيب الذرات في الطين والماء والهواء يمكننا الحصول على البطاطس) . .

لذا نظريًا نستطيع القول: إن أحلام السلف قبل قرون ستتحقق، و عملية تحويل المعادن الرخيصة إلى ذهب ربما تكون ممكنة، لأنه باستخدامنا لتقنية النانو سيتم التأثير على الخواص الطبيعية والكيميائية والبيولوجية بشكل مختلف جوهريًا عن استخدام التقنيات الموجودة حاليًا ، فمعيار (النانو متر) صغير جدًا ، ومن الممكن بواسطته السيطرة على الخصائص الجوهرية للمواد دون تغير التركيب الكيميائي لها.

نحن وتكنلوجيا (النانو):

بدأت بالفعل مئات الشركات التقنية في بقاع شتى من العالم في تصنيع مختلف المواد عبر تقنية النانو، وهناك - اليوم - تحالف يطلق عليه (تحالف أعمال نانو) ، تصدر عنه تقارير بين الحين والآخر، ذكر في أحدها بأن السوق العالمي لمنتجات التقانة سوف تصل إلى 700 بليون دولار في عام 2008م.

وقبله جاءت تقاير من مؤسسات أخرى مهتمة بتقنية النانو، تفيد بأن منتجات تلك التقنية من المتوقع أن تصل إلى تيرليون دولار في عام 2015م، وفي الشرق الاوسط بدأت شركات رائدة في توريد تكنالوجيا النانو.

وكانت قبلها (ناسا) الفضائية الأمريكية، تنفق أكثر من 40 مليون دولار سنويا على تقنية النانو، ودول العالم تحذو حذوها في البحوث والدراسات في مجال هذه التقنية، وكم سعدت بأننا في المملكة - بفضل من الله، ثم بدعم حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله أيده الله، وبحماس القائمين على مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، وجامعة الملك عبدالعزيز - قد رصدنا الملايين من الدولارات لهذه التقنية.

وإننا قريبًا سنقول: لقد حان الوقت كي نبدأ من حيث إنتهى الآخرون، وجاء الوقت الذي نقول فيه للدول المتقدمة: إنكم لا تتربعون على عرش العلم في هذا العالم لوحدكم، فنحن قادمون. قبل إكتشاف (النانو) ، كان العلماء يعتبرون أن وحدة القياس الذري المعروفة بـ (الأنغستروم) ، هو أصغر وحة للقياس اكتشفها الانسان.

ولكن - اليوم - بعد اكتشاف (النانو) التي ترمز إلى ألف مليون، أعتبر أصغر وأدق حدة قياس مترية أكتشفت حتى الآن، حيث يبلغ طول النانو، واحد من بليون من المتر، أي ما يعادل عشرة أضعاف وحدة القياس الذري المعروفة بالأنغستروم، بمعنى آخر، كما أشرت في مقال سابق بأن حجم النانو أصغر بحوالي 80.000 مرة من قطر شعرة الانسان. نحن ندخل - اليوم - في عصر جديد تمامًا ، وربما يطلق عليه عصر التقنيات متناهية الصغر أو (عصر النانو).

 وهناك مجالات لا تُعدّ ولا تُحصى تدخل فيها تكنولوجيا النانو، وبالفعل ظهرت النتائج الأولية لهذه التقنية في منتجات مثل سراويل تقاوم البقع حيكت من الألياف الدقيقة، وكرات تنس تحتفظ بمرونتها، وفي الأفق توجد كومبيوترات أصغر وأسرع مصنوعة من أنابيب كربونية ذرية الحجم، و هذه تعتبر من تقنيات النانو البدائية، وقد يحتاج الخيّاط أو المهندس أو الطبيب - في المستقبل القريب - إلى تعلم دروس في برمجة هذه التقنيّات.

فبواسطة تكنلوجيا النانو سيكون بالإمكان أن يحمل الإنسان سوبر كمبيوتر على معصم يده، وستكون الحاسبات الخارقة الموجودة اليوم في مراكز الأبحاث، أو في الجامعات الكبيرة مجرّد ساعة يد يحملها أي إنسان، وستقوم هذه التكنلوجيا بصنع كل شيء، من الإبرة إلى الصاروخ، ولكن بجودة تتفوق على كل ما صنع من قبل وبتكلفة ضئيلة جدا، وبواسطة هذه التقنية العجيبة ستقوم ثيابنا بتنبيهنا عن صحتنا و عن عوامل البيئيّة.

وربما عن حالة الطقس، وقد تختار لنا الملابس المناسبة لحالة الطقس. . بل وستنظّف نفسها من الأوساخ والروائح دون أيّ مساعدة، وستقوم بتدفئة أو تبريد الجسم حسب درجة الحرارة الخارجيّة، وستتمكن المباني والآلات من إرسال إشارات لاسلكيّة عندما تحتاج إلى صيانة، أو قد تستطيع إصلاح نفسها.

 إنها ثورة تقنية عجيبة، وسيكون لها الأثر في كل مجال، ففي مجال الطب حدث ولا حرج، فمن المحتمل تصنيع مركبات نانوية، تدخل إلى جسم الإنسان، لتسبح في الدم، وترصد مواقع الأمراض، لتحقن الأدوية، وتأمر الخلايا بإفراز الهرمونات المناسبة، وترمم الأنسجة.

وتزيل الأمراض، والعجيب - أيضًا - أننا سنتمكن بواسطة هذه التقنية الذكية أن نزرع تلك الاجهزة النانوية في الدماغ ليتمكن المصاب بالشلل الرباعي من السير، كما يتوقع العلماء أن تنجح هذه التقنية النانوية في القضاء على الفطريات.

ومواجهة الامراض المعدية وعلاج السرطان، وصنع سيراميك للعظام بكل دقة، وهذا يبشر بشيء كثير في مجال استبدال المفاصل وصناعة العظام والأطراف البشرية الصناعية، ولقد بدأ - بالفعل - دور هذه التقنية ينتشر في صناعة الأجهزة الطبية المستخدمة في غرف العمليات والعناية المركزةز

ومن فوائدها تقليل عدوى المستشفيات وانتقال الجراثيم إلى المرضى، وسأتحدث عن الكثير من فوائد تقنية النانو في المقالة القادمة.

 الكاتب: محمد عبد العزيز السماعيل

المصدر: موقع المملكة تو